شروق ـ مكتب الكاف14.01.2009 :
أسفر حادث انقلاب حافلة نقل عمومي على الطريق الرابطة بين مدينة سليانة ومنطقة سيدي حمادة شمال المنطقة الى وفاة تلميذة وفقدان ثلاث أخريات قرابة الساعة الثامنة ليلا في مجرى ماء اثر تهاطل كميات كبيرة من الأمطار بلغت 169 مليمترا في جبل السرج القريب من منطقة الحادثة.
وبدت محاولات الانقاذ التي بذلت ليلا يائسة بسبب الظلام واستمرار تهاطل الامطار بغزارة كبيرة وتدفق السيول والاوحال، لكن السلط المحلية جندت كل الامكانيات بحثا عن المفقودين. وعلمت «الشروق» من مصادر رسمية ان أول من تحرك نحو المكان هم أعوان الحماية المدنية بمدينة سليانة الذين عاينوا الحافلة المائلة على حافة مجرى الماء في مكان يقع بين «رأس الماء» و»سيدي حمادة» حوالي 17 كيلومترا عن مدينة سليانة.
وكانت الحافلة انطلقت من مدينة سليانة بعد السادسة مساء تحمل 84 تلميذا الى القرى المجاورة والتجمعات السكنية مثل سيدي حمادة والقنارة وفوار السنوسي، كما يحدث كل مساء فيما كانت الأمطار تتهاطل بغزارة استثنائية عندما بلغت الحافلة مجرى الماء المذكور وهو مكان صغير الحجم، ولا يبعث على الخوف حتى في أيام المطر وهو يصب في سد الاخماس... وذكر شهود عيان من التلاميذ ان سائق الحافلة فوجئ بسيل جارف من الماء والأوحال فحاول تفادي الكارثة لكن الحافلة مالت الى جانبها ثم طالتها السيول. وأكدت مصادر رسمية ان الحافلة لم تنقلب تماما بل بقيت في وضعية مائلة ثم جرفها التيار الجبار المدعم بالاوحال وما تجرفه السيول عادة، فوجد العشرات من التلاميذ أنفسهم بين الحياة والموت بعد ان غمرتهم السيول وبادر الكثير منهم الى النفاذ بقوة و»حرارة الروح» الى نوافذ الحافلة وصعدوا فوق هيكلها. وذكر بعضهم ان السيول كانت تجرف الحافلة بقوة مع مجرى الوادي نحو بحيرة سد الاخماس فيما رأوا العديد من زملائهم بين السيول واستسلم آخرون الى تيار الماء الجارف.
وعندما وصل أعوان الحماية المدنية عاينوا بأنفسهم صعوبة عمليات الانقاذ خصوصا في الظلام الحالك تحت وابل من المطر الاستثنائي. كما ذكر بعض شهود العيان ان عددا من سكان المنطقة جلبوا حبالا وشدوا بعضهم البعض للتقدم نحو الحافلة وانقاذ من أمكن انقاذه من التلاميذ... واستمر ذلك الوضع في حضور السلط المحلية حتى طلوع النهار حيث تأكد فقدان ثلاث تلميذات ووفاة تلميذة رابعة من سكان القنارة اثناء نقلها الى المستشفى. كما تم نقل المصابين من بقية التلاميذ الى مستشفيات المدينة لتلقي العلاج حيث ذكر لنا اطار طبي ان أغلب الحالات تتمثل في ابتلاع الاوحال والأتربة. وبعد زوال الامس الثلاثاء، لم يبق في المستشفى سوى تلميذ تحسنت حالته بشكل جيد وتلميذة ما تزال تعاني من مخلفات ابتلاع الاوحال الا انها تجاوزت مرحلة الخطر.
وخيمت على المدينة حالة حزن بليغ امتدت بين السكان وخصوصا تلاميذ المعاهد الذين شغلتهم مأساة فقدان زملائهم فيما استمرت عمليات التمشيط والبحث عن جثث التلميذات الثلاث على مجرى الوادي فيما أبدت العديد من المصادر خوفها من ان تكون الاوحال الكثيرة التي جرفتها السيول قد غمرت الجثث في بحيرة سد الاخماس.
ومن ناحية أخرى، علمت «الشروق» ان أعوان الحرس الوطني قد استمعوا طويلا لسائق الحافلة حول ملابسات الحادثة، كما استمعوا الى عدد كبير من التلاميذ الناجين لكشف كافة تفاصيل هذه المأساة وتقديمها الى النيابة العمومية.